هل انتهى الراتب قبل أن يبدأ الشهر؟
مريم الشروقي
maryam.alsherooqi@alwasatnews.com
هل انتهى الراتب قبل أن يبدأ الشهر الجديد؟ اليوم هو تاريخ 30 مارس/ آذار 2017، أي على الأقل هناك كثيرٌ منّا استلم الراتب منذ يومين أو أكثر، فماذا حدث للراتب حتى ينتهي بسرعة البرق؟
صدّقونا الشعب البحريني أكثر شعب يعرف كيف يصرف راتبه، ولا يلعب فيه أو يبذّره على أمور ثانوية، فهل تصدّقوننا عندما نقول ذلك عن الشعب البحريني، أم تهزّوا رؤوسكم استنكاراً؟
المواطن الموظّف يستلم الراتب ويطير لتسديد القروض والديون، آسفة الآن هو لا يحتاج إلى الطيران، فيقوم بدفع القروض والديون من خلال الهاتف النقال، والحمد لله لم يهدر بنزين السيّارة.
بعد دفع قرض البنك وقرض الإسكان (إن وجد) وقرض السيارة وقرض السفر (إن وجد) وفاتورة الكهرباء والماء وفاتورة الهاتف النقّال وغيرها.. يتبقّى تقريباً 150 دينار (إن تبقى)، فيتوجّه بها لشراء حاجيّات المنزل.
تبقى من الـ150 ديناراً بعد شراء حاجيات المنزل 20 ديناراً، ولا يعرف ماذا يفعل بها المواطن، يدخّرها للمرض أو يدخّرها لمنتصف الشهر أو يدّخرها لليوم الأسود، وفي النهاية يُقرّر إسعاد أسرته بالخروج إلى مطعم.
قصّة المطاعم هذه قصّة عجيبة، فأنت في نهاية الشهر بعد استلام الراتب بيومين تجدها مكتّظةً بالنّاس وبالحياة، وحتّى الشوارع تكون خانقةً من كثرة السيّارات، وما هي إلاّ أيام معدودات حتى ترجع الشوارع إلى انسيابيّتها، لأنّ المواطن أصبح جيبه فاضياً ولا يستطيع الخروج لا إلى مطعم ولا مقهى ولا هم يحزنون!
في ظل الأزمة الاقتصادية وتوقّع بعض المستشارين زيادة الضرائب على المواطنين والمقيمين، هل هناك حلٌّ يحمي المواطن من هذه الأزمة؟ نتمنى أن تنزل السماء فلوساً من أجل المواطن، ولكن هذا الكلام خيال وأمل غير موجود على أرض الواقع، فما العمل؟
زادت النكات عن المواطن البحريني وعن وضعه المادّي المتدهور، فهو ليس لديه دينار واحد بعد أوّل الشهر الجديد، فإلى متى سيبقى البحريني على حاله ووضعه المادّي المتردّي؟ وإلى متى ستبقى الميزانية العامّة معلّقة من دون تمريرها من قبل السادة النوّاب؟ وإلى متى سيزيد الإنفاق على الدخل وبالتّالي المواطن هو الذي يبلعها؟
نحتاج إلى البدء من جديد، نحتاج إلى مراجعة حقيقية للوضع الاقتصادي، ولابد من وجود مخرج ممّا يعانيه الجميع، فتقليل الإنفاق وعدم التوجّه إلى القروض وتنوّع الدخل سيؤدّي إلى الاستقرار، ولكن من سيستمع إلى الكلام البسيط؟ لا أحد، لأنّنا نظن بأنّ الكلام المعقّد المبهم دليل على المعرفة والتعمّق في أصل المشكلة! الحل أمامنا ولكن هناك من يُغمض عينيه!
انتهى راتب الشهر والحمد لله، ولن تصدّقوا إذا قلنا لكم بأنّ الشعب البحريني هو أكثر الشعوب رضا وراحة وسعادة، إذ ليس لديهم مال يبذّروه فلا يخسرون الآخرة، وليس لديهم مال ليقلقوا من سيسرقه أو يأخذه، وليس لديهم مال ليعيشوا حزنهم برفاهية، فأحزانهم يقلبوها إلى فرح حتى لا ينجلطوا!
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 5318 - الخميس 30 مارس 2017م